تعقيباً على موضوع المقيمين
هناك من ولد ونشأ في هذا البلد ونسميهم بالوافدين
اطلعت على موضوع “القضية” الذي نشرته “الوطن” بعددها 853 من صحيفة الوطن السعودية حول رصد “العلاقة بين السعوديين والمقيمين”.
وأود أن أعلق على ما جاء في المقال وأطرح قضية أهم مما جاء في المقال وأتساءل هل العينة التي وردت في المقال تمثل عينة منتقاة ومختارة بدقة أو هل شملت جميع الفئات أو هل استندت إلى أدلة شرعية تحث المسؤولين لتبني وجهة نظر تدعم مطالبات بعض الفئات بالجنسية أو بالمساواة بين المسلمين.
فما جاء في المقال يجيب على سؤال هل السعوديون اجتماعيون أو غير اجتماعيين حيث أشار المقال إلى وجهات نظر لا نستطيع من خلالها أن نصل إلى حد الإجماع من عدد من المقيمين والمقيمات في السعودية يحملون جنسيات مختلفة فمنهم من يتهم السعوديين بأنهم غير اجتماعيين ومنهم من قال (كل ما يقال عن السعوديين بأنهم غير اجتماعيين غير صحيح).
وهذا يؤكد حقيقة أن موضوع “القضية” لم يشمل جميع الفئات حيث إن التقرير ركز على بعض “الوافدين” الذين يؤكدون وجهة نظر من أشرف على طرح هذه القضية ومع أن القضية طرحت جملة من الهموم المادية مثل ارتفاع الإيجار أو طول فترة العمل اليومية التي تصل أحيانا إلى 14 ساعة يوميا.
إضافة إلى عدم وجود مكافأة نهاية الخدمة وعدم السماح لعبدالقادر باستقدام أسرته أو قضية المعلم باختلاف النظرة إلى المعلم الذي خدم 35 سنة تنقل خلالها بين معظم قرى ومدن السعودية واصفا اناته كمغترب.
أما ما جاء تحت عنوان التفرقة في الإدارات الحكومية فقد ذكر الرشيد بصراحة كان أكثر الموظفين في الماضي يفرقون في المعاملة بين المقيم والمواطن بل كان البعض منهم يهضم حق المقيم ولا يعترف به ويفضل عليه ابن البلد وغالبا ما يضطهد من قبل كفيله أما حاليا فقد أصبح المقيم كالسعودي في كل شيء ليس هناك فرق وكل ذلك بما شهدته السعودية من التقدم الحضاري والرقي.
ولم يتطرق إلى المعاناة من العلاج في المستشفيات الحكومية إذا لم يكن سعوديا ولكنه ذكر أنه لم تكن هناك مساواة في نظام التعليم من حيث الرواتب حيث كونه مقيما فقد لاحظ أن الزملاء المعينين في نفس السنة التي قدم فيها إلى السعودية قد وصلت رواتبهم قرابة (14) ألف ريال في حين لم يصل راتبه الآن سوى (2700) ريال وهذه قضية تحتاج إلى نظر الجهات المسؤولة بما يتناسب ومتطلبات الحياة لكل الأطراف.
أما ما ذكره مصلح محمد أبو شوقي يمني الجنسية أن معاناته بدأت مع تطبيق نظام الكفالة والتي أصبحت أكبر مشكلة بالنسبة له ويضيف ويؤكد انه لا يشعر بالغربة في المملكة ويقول: الشعب السعودي بالنسبة لي هم أهلي وإخواني ووطنهم وطني ومن ينكر هذه الحقيقة فهو جاحد.
وهنا نود أن نتساءل ما هو ذنب من “ولدوا وتربوا ودرسوا وتخرجوا ولا يعرفون لهم وطناً غير هذا الوطن المعطاء”. ولكن لم يجدوا أنفسهم سعوديون وهؤلاء لم تشملهم ” قضية الوطن في العدد 853 ” “وهم إن صحت تسميتهم سعوديو المنشأ والولادة، ولكن دون جنسية ” وهم فئة كبيرة من “المقيمين” وجدوا أنفسهم على أرض المملكة.
فاندمجوا في مجتمعها، وأهلهم من قبلهم مندمجون فيها، بل وأصبحوا جزءا من أهلها وهذه الفئة لا يستطيع أحد تمييزها عن المواطنين الأصليين ولكنهم ومع الأسف يطلق عليهم لقب “وافدون” وكثير منهم لا يعرفون شيئاً عن أوطانهم فضلاً عن أنهم سوف يرحلون إليها يوماً من الأيام.
هؤلاء عرفوا أنفسهم في هذه البلاد لا تستطيع معرفتهم حيث اندمجوا اندماجا كاملا بل إنه يوجد في بعض الأحيان “أسرة واحدة” بل وأشقاء من أم واحدة وأب واحد ومن هؤلاء من كانت الظروف قد خدمته في يوم من الأيام فحصل على الجنسية السعودية وأكمل دراسته الجامعية وحصل على وظيفة مرموقة.
بينما شقيقه لم تتوفر له هذه الفرصة فهذا له كامل الحقوق وذاك يتعرض للغمز واللمز سواء من أخيه أو أقرانه حيث لا فرق بينه وبين الوافد الذي وصل لتوه من بلاده من ناحية المعاملة لأنهم جميعهم وافدون لا فرق بين من لأسرته عشرات السنين وبين من أتى لتوه ولم يمض على وصوله بضع ساعات.
إذ إنه لا فرق بين المدين لهذه البلاد بالفضل وبين من أتى لا هم له سوى العمل ثم يرحل.
لذا أقترح أن تكون هناك مراجعه حقيقية لنظام الجنسية والترغيب فيها لمن تتوفر فيه الشروط التي تراها الجهات المسؤولة مناسبة، ولكن يحكمها قانون يطبق على الجميع مستوحى من الشريعة الإسلامية حتى نرفع النظرة القاصرة من البعض عنهم ونعطيهم حقوقهم.
مصطفى غريب ـ الرياض
صحيفة الوطن العدد (916) السنة الثالثة ـ الخميس 1 صفر 1424هـ الموافق 3 أبريل 2003م