تلمذة على “الأستاذ”… صدام

تلمذة على “الأستاذ”… صدام

وافقت بعض الدول على تدمير اسلحة الدمار الشامل بمحض اختيارها، مستوعبة الدرس مما جرى في العراق.

ومن اللافت للنظر انها تمت في هذا التوقيت بالذات لتكون بمثابة رسالة من اميركا لسورية، قامت احدى الدول بتوصيلها.

وطالب مجلس الامن ان تكون هذه الخطوة مبادرة يجب ان تحذو الدول حذوها. ولكن بعض الدول تناست الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها سورية بعد إقرار قانون “محاسبة سورية” في الكونغرس الاميركي، وتوقيع الرئيس بوش عليه ليبدأ العمل بموجبه.

كما انها تعتبر رسالة ايضاً موجهة الى بعض الدول التي تعتـبرها امـيركا “مارقـة” او دول “محـور الشر”.

واستغرب كيف ادركت هذه الدول ان هذا هو زمن الهروب العالمي، او زمن المهادنة للقوة العظمى الوحيدة.

ولن ندعي الحكمة لأحد في ظل هذا الانهيار الكبير في اوضاع العالم العربي، بل والعالمي.

ولكن المعلوم ان بعض الدول العربية آخر من يقدر اهمية الحماية الجماعية بعضها لبعض، فمن كان ينادي بالوحدة العربية هو اول من سيترك الجامعة العربية, ويهدد من حين لآخر بالانسحاب منها.

وما كان لكل هذا ان يحصل لولا سقوط بغداد. وان من البديهيات المسلم بها ان من يخطط لا يصل الى نتائج خاسرة.

وأطرح سؤالاً على بعض قيادات العالم العربي: هل كانت تعلم بعض الدول التي تسعى الى امتلاك أسلحة الدمار الشامل انما تسعى لاستنزاف مواردها المالية في مشاريع خاسرة مسبقاً؟

وطبعاً لا يهم الاجابة عن هذا السؤال، فالنتيجة ان بعض الدول اقرت واعترفت اخيراً بالنوايا في امتلاك مثل هذه الاسلحة, وستقوم بتدميرها, وسواء كانت تعلم انها ستتمكن من الوصول الى الحلقات المطلوبة كلها في تطوير تلك البرامج, ام لا.

وهنا يتبادر الى الذهن سؤال في غاية الاهمية: كم من المبالغ الهائلة صرفت حتى صدور القرار الطوعي بالتخلي عن هذا البرنامج؟

وكم اقتطع من ثروات الشعب او الشعوب حتى الآن من هذه المشاريع وأمثالها؟

فلماذا تذهب اموالنا سدى، ولا يستفاد منها في التنمية، ولا في النهضة؟

وهل بعض الدول العربية، الصغيرة بموقعها او سكانها، في حاجة ماسة لامتلاك هذه البرامج؟

ولماذا تمضي بعض الدول قدماً، ثم تتراجع، وترغب دول اخرى ثم تتراجع؟

ثم هل كانت بعض هذه الدول قد هندست مشاريعها النووية كجزء من سياسة مفهوم الأمن القومي العربي، وهل تم تنسيق ذلك فيما بينها؟

وإذا كانت بعض الدول فتحت باب التعويضات على مصراعيه فمن يستطيع إغلاق هذا الباب؟ ومن هم المتنافسون؟

مصطفى غريب – الرياض

صحيفة الحياة     2004/01/14