فرص العمل موجودة لمن يقدم قليلاً من التنازلات

فرص العمل موجودة لمن يقدم قليلاً من التنازلات

أصحاب مشكلة البطالة هم الشباب الباحثون عن وظيفة، وكل منهم له ظروفه الصعبة، ومعاناته المريرة على الرغم من مؤهلاته الجيدة.

وينظر إلى المتعاقدين أو الوافدين وهم يعملون في الوظائف التي يتطلع إليها هؤلاء الشباب السعودي فمن حق هذا الشاب أن ينظر إلى ذلك بأحقيته للعمل في بناء اقتصاد بلاده.

ولكن في نفس الوقت يجب ألا يلوم الشركات الوطنية قبل أن يتوثق فهذه الشركات ترغب في عمل الشباب السعودي لديها، ولكن بشروط عمل المتعاقدين لأن قطاع الأعمال الحرة مبني على أساس الربح والخسارة.

فنظام السوق الحر لا يرحم والمنافسة على أشدها لذا نلتمس العذر إذا اشترط صاحب العمل على السعودي رواتب لاتزيد عن رواتب المتعاقدين ثم الالتزام بالدوام بالنسبة للحضور والانصراف مثل المتعاقدين.

وكذلك الإنتاجية فإذا تمتع الشاب السعودي بالإنتاجية كنظيره من المتعاقدين فلا بد من أن يجد طريقه ليحل محل المتعاقد مهما كانت ظروف هذا المتعاقد.

وأيضا عدم السفر خارج البلاد إلا بأمر صاحب العمل وعدم العمل لدى الغير إلا بعد موافقة صاحب العمل فإذا التزم الشاب السعودي بالشروط المذكورة أعلاه فإننا نعتقد جازمين أن صاحب العمل سيفضله على غيره.

فالندية في التعامل تفقد المواطن المتقدم للعمل فرصة وظيفية وهناك سبب آخر يجعل صاحب العمل لا يرغب في توظيف الشاب السعودي وهو مادة في نظام العمل والعمال تنص على “إذا انتهت خدمات المتعاقد لدى مكفوله فيحظر عليه القيام بنفس العمل لدى أي جهة أخرى لمدة عامين.

حتى لا يقع الضرر على صاحب العمل ويكون منافسا له حيث يعرف من أسرار العمل ولا سيما أن معظم المؤسسات هي من الحجم الصغير فيخشى أن يقع عليه ضرر, وأما بالنسبة لقول بعض الكتاب إن هؤلاء لا يستطيعون الانتظار أكثر مما انتظروا, فبعضهم يبحث عن عمل منذ سنوات.

أقول لهم إن الخلل في الشخص العاطل عن العمل نفسه أكثر من بقية الأطراف التي ذكرناها أعلاه وهل يعقل أن يبحث شخص عن عمل مدة 5 سنوات دون جدوى إلا إذا كان هذا الشخص لن يقبل بأي عمل ولن يقبل بأي راتب ولن يقبل بأي دوام ولن يقبل العمل في أي مكان، بل يريد الوظيفة أن تأتي إليه على طبق من ذهب.

وأما بالنسبة لمخاطر الفراغ والفقر فالمثل يقول الحاجة أم الاختراع فلو شعر هذا الطالب للوظيفة بالحاجة فعلا لوجد مئة وظيفة ووظيفة وكما يعلم الجميع أن هناك عادات وتقاليد تمنعنا من العمل كصناع أو عمال أو أصحاب مهن.

والسؤال الذي يطرح نفسه متى نستطيع أن نتخلص منها؟

وعلى الرغم من كل ذلك نجد هناك أصواتا تطالب بدفع رواتب للعاطلين عن العمل من أبنائنا فبدلا من أن نحثهم على العمل نطالب الدولة أكثر مما تطيق بدفع رواتب لأناس لا يعملون بحجة البطالة وعدم توفر فرص عمل.

إن فرص العمل موجودة لمن يتنازل عن كبريائه قليلا ويجد ويجتهد وأنصح كل شخص لم يجد له عملا أن يذهب إلى السوق ويتأمل كيف يعمل الناس، بل يذهب إلى الحرمين الشريفين وينظر إلى المنطقة المركزية فيهما وكيف يعمل الناس من كل الأجناس والألوان.

يعملون ويرتزقون فالمرأة العجوز ذات الستين خريفا تبسط في السوق وتعمل والكهل ذو الستين يبيع المساويك ويرتزق والطفل الصغير يبيع الماء البارد والعصير ويرتزق ومن كل الفئات.

أما البحث عن وظيفة فلن يجدي نفعا وهناك من يطالب بقوانين صارمة لا تستعطف رجال الأعمال ويرون أن هناك تناقضا بين وجود فئة غنية وبأموال ضخمة وبين وجود فئة كبيرة من الشباب الذين أقفلت في وجوههم أبواب التوظيف وفرص العمل الشريف.

وكأنما هذا الغني لم يجمع هذا المال ريالا بعد ريال ومن ثم نطالب بأنظمة تجبره على دفع رواتب ووظائف للعاطلين عن العمل فلو جلس هذا محل هذا لوجد أن الأمر أصعب من أن يحتمل.

لا ننسى طبعا أن كلا الفئتين من السعوديين ويعيشون تحت نفس الظروف فهذا أصبح رجل أعمال وبنى تجارته وحقق رأسمال كبير وأما الآخر فما زال يبحث عن وظيفة.

وليعلم الإنسان أن صاحب الوظيفة مهما كان الراتب الذي يتقاضاه فلن يجعل منه رجل أعمال إلا إذا مارس العمل الحر ولن يحصد الملايين دون أن يستخدم الآخرين لخدمة أعماله وتنمية تجارته والسهر عليها.

فأبواب الاستثمارات مفتوحة في الداخل كما هي في الخارج.

أما بخصوص من يطالب برفع الحد الأدنى لرواتب السعوديين في الشركات إلى الحد المعقول فالمعقول هو سياسة العرض والطلب وعندها فقط سنجد أن أصحاب رؤوس الأموال سيقفون مع المواطن لتنمية اقتصاد الوطن ويتحملون شيئا من هذا العبء ويتنازلون عن شيء من أرباحهم لحل مشكلة البطالة.

مصطفى غريب – الرياض

صحيفة الوطن   الأربعاء 9 ربيع الأول 1425هـ الموافق 28 أبريل 2004م العدد (1307) السنة الرابعة