سلبية بعض المواطنين قادت لتفجير “المحيا”

سلبية بعض المواطنين قادت لتفجير “المحيا

من قراءتي لتفاصيل الحادث الأخير في مجمع “المحيا” لفت انتباهي أن مجموعة من القاطنين بالحي المجاور للمجمع يقولون إنهم شاهدوا سيارة بيضاء اللون قبل ليلة الحادث تسير ويقودها ملثمون أي إن الملثمين كانوا يراقبون الموقع المراد تفجيره.

وهنا نتساءل لماذا لم يبلغوا عنهم لحظة تشككهم بهم؟ وهذا يدعونا للتأمل والبحث في أسرار السلبية التي تتملك معظمنا في مختلف جوانب الحياة؟ ولكن بعد حصول الحدث نجد أكثر الناس يتملكهم حب الاستطلاع والإدلاء بالتصريحات وكأننا لا نستشعر أن الأمن مسؤولية الجميع.

وهنا ندعو كل من يشك في شيء أن يبلغ أقرب مركز عن الحالة التي شاهدها لعلنا نتعرف على أطراف الجريمة قبل وقوعها فننقذ أرواح كثير من الأبرياء قبل أن تسقط بيد القتلة المجرمين والمنحرفين.

ونقترح على وزارة الداخلية الإعلان عن مكافآت مالية لمن يريد أن يدلي بمعلومات. ونريد إعلاما يحيي الذكرى الأليمة ويكررها دائما ويحفظ تاريخها ليذكرنا بها قبل أن نغفو وننام لنصحو على كارثة جديدة.

فهؤلاء المنحرفون عن جادة الحق بفكرهم الهدام يهددوننا جميعا في أغلى ما نملك في حياتنا ووطننا، وأمننا، وكياننا واستقرارنا. والواجب والمسؤولية ملقاة على الجميع في مكافحة هذا الداء والعمل على وأد هذا التيار المنحرف والقضاء على مخططات هذه الفئة الضالة.

 كما ينبغي أن نقف جميعا أمام مسؤوليتنا الدينية والوطنية، لملاحقة هذه الفئة المنحرفة وكلنا مجندون للقضاء على هذا الفكر، ولن يعفى أحد من هذه المسؤولية العظيمة فالخطر داهم والشر مستطير.

وعندما نستعرض بعض الآراء نجد أنها احتوت على العديد من التفسيرات لأسباب هذه الظاهرة فمنهم من قال إن الإصلاح الإداري يقضي على هذه المشكلة وهذا غير صحيح لأن الإرهاب ليس له أي علاقة بالإصلاح فالإرهاب له علاقة واحدة وهي التدمير والقتل أما الإصلاح فيستوجب التطوير، والانفتاح الفكري والاقتصادي.

ولكن هناك من يحاول خلط الأوراق ويساهم في ضبابية الموقف الذي نحن في غنى عنه في هذه الفترة العصيبة فنحن نحتاج إلى رؤية واضحة فلا يمكن أن يكون الإرهابي إصلاحيا وإنما الإرهابي مجرم قاتل.

أما المحلل العسكري، فيقول إن حوادث العنف بدأت تتكرر بشكل ملحوظ، في المملكة، بعد حرب الخليج الثالثة، وبعد إسقاط النظام الديكتاتوري بالعراق، فظهرت الأسلحة التي لم تكن معروفة من قبل، ووصلت حوادث العنف إلى كل مدن المملكة.

فاقتراب الحرب مع حدود المملكة سهل عمليات تهريب السلاح. وهذا غير صحيح لأننا لم نره في دول الجوار الأخرى.

ومنهم من قال إن البطالة كانت سببا في الإرهاب وهذا غير صحيح فالبطالة لا تولد الإرهاب لأن العاطل عن العمل لا يجد مالا ليأكل ويشرب فكيف يمول عملية إرهابية فهي عمليات تكلف أموالا ضخمة وعقلية تفكر وتخطط لمثل تلك الأعمال المشينة.

أما المتخصص في المجال الأمني فيقول إن هذه الإحداث تعبر عن تكتيك جديد، ومنعطف خطير لموجة جديدة من العنف فيه تحد وإصرار، ورغبة في الانتقام، ولو استمر العنف بهذا المعدل، قد يتطور إلى أسلوب الاغتيالات، وهو أمر لا يقل خطورة، عن التفجيرات، ولا يزيد عنها في الإعداد والتخطيط، وهو نفق مظلم نرجو الله ألا ندخل فيه.

مصطفى غريب – الرياض

صحيفة الوطن    الأربعاء 9 شوال 1424هـ الموافق 3 ديسمبر 2003م العدد (1160) السنة الرابعة