خارطة الطريق وغرق الولايات المتحدة في مستنقع العراق

خارطة الطريق وغرق الولايات المتحدة في مستنقع العراق

الحديث عن المسألة الفلسطينية شائك وبدلا من أخبار عرفات التي كانت تغذي مصادر الأخبار أصبح صراع رموز منظمة التحرير الفلسطينية هو الذي يغذيها وبهذا العمل قد خسرنا قضيتنا إلى حين.

وأضيف إلى ذلك بما يتعلق برموز السلطة وأناشدهم بما يملكون من الوقت سواء من كان في منفاه أو غيرهم دعوة للتأمل والتفكير في أنفسهم وفي قضيتهم وسوف يصلون إلى نتيجة هامة للغاية وهي أنه يجب الاعتراف للنفس وللشعب بالقول إننا نحن الذين تسببنا في حدوث هذا لنا شخصيا ولشعبنا ولأمتنا.

بسبب ما اتخذناه من خيارات سيئة على مر السنوات وأن يتخذوا قرارا شجاعا بالعمل والقول إننا لن نكرر ذلك ثانية ويتركوا الشعب الفلسطيني يتولى أمره بيده، ويتركوا الساحة للجيل الجديد. هذا الجيل الذي لم يعرف الهزيمة لأن التاريخ يقول جيل الهزيمة لا ينتصر وهذا ما تنبئ به المعطيات الجديدة على الساحة الدولية.

وطالما أن إسرائيل الآن تجاوزت جميع الخطوط الحمراء فاتركوها تواجه جيل الحجارة والجسارة فلعل القيادات الجديدة تعرف كيف تعالج الوضع الراهن مع شارون فعلى الأرجح أن شارون لن يستمر طويلا.

وحاولوا أن تضعوا خطط عمل إيجابية قبل فوات الأوان وأن الشيء المهم الذي يجب أن تعرفوه أن النتائج السلبية التي نمر بها اليوم هي نتاج ما اتخذتم من قرارات على الرغم من وجود خيارات كانت أفضل من أوسلو.

ولكن الكيفية التي تمت الاستجابة لها والمواقف التي تعرضت لها الأمة كلها نتائج إساءة الاختيار بصورة مستمرة فحلت علينا الكوارث والمشكلات, فالأحداث لن تمكن المجلس التشريعي من اتخاذ قرارات مصيرية وفرضت علينا أمريكا تعيين منصب رئيس الوزراء لدعم مسيرة الإصلاح وقبلنا فوقعنا في الشرك فهنا يكون الاختبار الحقيقي لمن يريد أن يتحمل ضريبة انتشالنا مما نحن فيه.
وبناء على ما مرت به قضيتنا من مآس بموجب قرارات سلبية اتخذت أستطيع أن أؤكد لكم أن مستقبل القضية في ظل المعطيات الحالية سيئ بل وستزداد سوءا لذا نحن بانتظار أن تبرز قيادات جديدة تركز على النجاح بدلا من التركيز على الفشل.

وطالما أن واشنطن ترى أن كفالة الأيتام وفتح المدارس والمساجد عمل إرهابي فهل نعلق عليها الآمال.

ثم هل أصدرت يوماً بيان احتجاج على قتل زعيم فلسطيني؟
وهل تعلم القيادة الفلسطينية أن هناك الكثير من القوى داخل كل من إسرائيل والحكومة الأمريكية، ستمنع أي ضغط حقيقي على إسرائيل.

هذا إضافة إلى أن الكثير من الشخصيات الأمريكية في مجلس الأمن القومي، وكذلك العناصر الصهيونية المسيحية القوية في الكونجرس متقاربة في وجهات النظر مع بوش وشارون.
هل يعلم العرب أن أمريكا سوف تضرب كل من يؤوي أو يدرّب أو يمول الإرهاب كائنا من كان. وإسرائيل تدق على هذا الوتر فهي من منظورها تحارب الإرهاب وبوش مقتنع بذلك.

والغريب أن الاتحاد الأوروبي أقر أخيرا بأن حماس منظمة إرهابية.
هل يعلم العرب أن هناك في أمريكا مجتمعا كبيرا جدا من المسيحيين اليمينيين وهم من البروتستانت الأمريكان، الذين يقدمون دعما قويا لإسرائيل في جميع القضايا.
هل ننتظر إسرائيل وأمريكا حتى تأخذا بأيدينا لتطبيق السلام أم نبادر بعمل شيء ما على أقل تقدير توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم حتى نتمكن من التنازل عن حصتهم في قضيتهم العادلة.
إن سياسة واشنطن تجاه السلام غير واضحة وهذا ما حدا بأمريكا على اعتماد خارطة الطريق كحل وحيد للقضية الفلسطينية.

ومن غير المعروف إن كان الرئيس بوش راغبا في تغيير سياسته الشرق أوسطية المؤيدة لشارون أم إن غرقه في المستنقع العراقي قد يقضي على حياته السياسية إلى الأبد! وتموت خارطة الطريق كما ماتت جميع المبادرات السابقة.

مصطفى غريب ـ الرياض

صحيفة الوطن الجمعة 26 رمضان 1424هـ الموافق 21 نوفمبر 2003م العدد (1148) السنة الرابعة