تعليقاً على قينان الغامدي من المهم أن نتآلف مع المقيمين ونستقطب الخيرين منهم لا أن ننظر إلى حوالاتهم

تعليقاً على قينان الغامدي
من المهم أن نتآلف مع المقيمين ونستقطب الخيرين منهم لا أن ننظر إلى حوالاتهم

إشارة إلى المقال المنشور في صحيفة الوطن بالعدد (1179) يوم الاثنين 28 شوال 1424هـ الموافق 22 ديسمبر 2003م للكاتب قينان الغامدي بعنوان “تحويلات العمالة الوافدة: فلننزل إلى الميدان” مفاد مقال الغامدي أن هناك سبعة ملايين من الأجانب يمارسون العمل بلا بطالة ويعتقد أن الحاجة إليهم لا تستدعي أكثر من 20% فقط موجهاً هذا اللوم لمكاتب الاستقدام التي قامت بتسهيل إجراءات الاستقدام خلال السنتين الماضيتين.

كما أنه قال إن هؤلاء السبعة الملايين وافد يرحلون مليارات الريالات إلى بلادهم بينما يبقى المواطن السعودي بلا عمل، وفي الوقت ذاته أكد الغامدي صحة ما يقال نحو المواطن السعودي بأنه لا يقبل الأعمال الهامشية وتساءل عن الحل! وفي نهاية المقال طالب بوجود إجراءات تجعل المواطن ينزل للميدان.
هنا أود التعقيب على ما قاله الكاتب الذي لا يستطيع أحد أن يشكك في وطنيته ولكن هناك توجهات تقوم بها الدولة ووجهات نظر مختلفة بعضها يستند إلى نظرة شمولية لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ولاسيما أننا كثيرا ما نسمع عن الحملات المغرضة التي تقوم بها جهات عديدة ضد بلادنا وتقوم الجهات المعنية بالرد على المغالطات أو الأكاذيب.

ولكن ما هو دور المواطن العادي في فهم الكثير من هذه الأكاذيب والرد عليها وما هو دور الصحافة والصحفيين والعلماء في الرد وهل توجد جهة معينة تقوم بحملة علاقات عامة لتحسين صورتنا في الخارج.

وما هو دور كل مواطن ليكون سفيرا لبلده في الخارج عندما تتاح له فرصة السفر خارج البلاد وإن كان الكثير منا يعتقد عن غير علم بأن الذين تحتاجهم بلادنا لندرة التخصص أو المهارة لا يتجاوزون 20% من هذا الرقم الضخم، أما البقية فإنهم لا يضيفون ميزة، ولا يفقدوننا ميزة فيما لو استغنينا عنهم وعن خدماتهم.

هكذا بجرة قلم نحكم على 80% من شريحة قامت وساهمت في بناء البلاد ونتنكر لما قاموا به بدلا من التكريم.
إنني أنظر إلى القضية بصورة مختلفة فمن المهم أن نبدأ التفكير بـ كيف نتآلف مع المقيمين لدينا ونستقطب الخيرين منهم ونعطيهم حقوقهم لا أن ننظر إلى الحوالات والمليارات الهائلة التي يحولونها نتيجة خدمات قدموها إلى البلاد على أنها خسارة واضحة وألا ننظر بنظارة سوداء على أن ما تعانيه البنية التحتية من جراء وجود سبعة ملايين إنسان وافد على أنها خسارة أخرى كما ذكر الكاتب محاولا الاستغناء عن معظمهم علماً بأنهم قدموا خدماتهم في بناء أرضية اقتصادية تطورت معها المملكة خلال العقد الماضي وكنت أتوقع أن يشار إليهم بالبنان ويشكروا ويكرموا لما قاموا به.

وأتساءل هنا: هل من الصعب توطين المفكرين والعلماء منهم للاستفادة من ثرواتهم في بلادنا بتسهيل إجراءات استثماراتهم بدل أن تغادر إلى خارج الوطن، يجب علينا أن نفكر بكيفية العمل على ترسيخ الأفكار والفعاليات التي تعمل على نبذ دواعي الفرقة فيما بيننا كسعوديين أو مقيمين ووافدين حيث لا ينبغي التفريق بين أبناء الدين الواحد حتى يتحقق تضامن الشعب مع قادته وتتوحد جهودهما، لتصب في المصلحة الوطنية العليا.

فضلاً عن قصور نظرتنا والإشارة إلى أنهم يشغلون وظائف هامشية يستطيع أي مواطن عاطل أن يقوم بها الأمر الذي قد يفرز نوعا من تحريض المواطن العاطل على المقيم العامل الذي تستفيد منه الدولة أيما استفادة ابتداء برسوم تجديد الإقامة إلى رسوم نقل الكفالة ولا سيما الخدمات التي قدموها مقابل أجورهم.
نحن بحاجة إلى تبني مشروع توطين العلماء بعدما نقوم بإنشاء مركز معلومات وقاعدة بيانات عن العلماء العرب ومجالات اهتماماتهم وتخصصاتهم وألا ننظر إليهم بأنهم يزاحموننا أرزاقنا وكيف سنحقق طموحات الدولة بتوطين التكنولوجيا ونحن بهذه النظرة ولم ندرس كيف استفادت الدول المتقدمة من هجرة العلماء إليها.

وكيف يمكن الاستفادة من العلماء ومن خبراتهم ونحن نتساءل ماذا تفعل هذه الملايين السبعة في بلادنا؟ وكيف يمكن أن نستحدث برامج إعلامية هادفة وأن نبتعد عن القنوات الفضائية غير المفيدة أو التي بعضها يبث الفرقة ويحاول إحداث شرخ بين الأمة وقادتها عبر برامجها الهدامة. و

كيف سنحقق طموحات أولي الأمر بأن تكون لنا قنوات فضائية تسهم عالمياً في نشر الفكر السعودي والعربي والإسلامي وتعديل المفاهيم المغلوطة عن شعبنا السعودي وعن أمتنا العربية والإسلامية لدى الغير ونحن ما زلنا نصف هذه الحال من الإفرازات السلبية لسنوات الطفرة.

وكيف نعمل لخدمة الفكر والثقافة الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة وكيف نتعامل مع كل ذلك بإيمان صادق بأن هذا هو توجهنا من داخلنا وهو كما يقول علماء النفس إسقاط لما نتميز به عن غيرنا طبقا لتعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة فنحن مهددون في أغلى ما نملك وهي عقيدتنا فعزتنا بالإسلام ونهضتنها بالإسلام ونحن أمة واحدة وأصحاب رسالة خالدة.

ولنا دور حضاري يجب أن نقوم به ولنا من الخصائص والمقومات الكثيرة التي تجمع أفراد الأمة وتدفعهم للإسهام في الحضارة الإنسانية من أجل عالم يسوده الاستقرار والعدل والمساواة والمحافظة على الحقوق والواجبات وبما يحفظ لأمتنا كرامتها وعزتها وسؤددها.

مصطفى غريب – الرياض

صحيفة الوطن    السبت 4 ذوالقعدة 1424هـ الموافق 27 ديسمبر 2003م العدد (1184) السنة الرابعة