لا أمل في عودة اللاجئين الفلسطينيين الى بلادهم

لا أمل في عودة اللاجئين الفلسطينيين الى بلادهم

هل التوطين يحتاج الى استفتاء؟

هذا السؤال خطر لي عندما قرأت عن المحاولات التي يقوم بها أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الاميركيين لإقرار مشروع لتوطين الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها وهناك من يعتقد أن مثل هذا المشروع يشكل تصفية للقضية الفلسطينية.

وهنا نود أن نتساءل كيف يكون ذلك تصفية للقضية الفلسطينية ونحن ماضون في طريق السلام كخيار إستراتيجي وأن هناك علاقات الدبلوماسية بين بعض الدول العربية وإسرائيل وأن المكاتب التجارية الاسرائيلية لازالت تعمل في دول أخرى.

كما أن هناك زيارات لبعض أعضاء الكنيست لدول عربية وأن المواطن الاسرائيلي يستطيع أن يزور بعض الدول العربية بكل سهولة ويسر أما الفلسطيني حامل الوثيقة فلا أمل له بالدخول في معظم الدول العربية.

وهل هناك أدنى أمل في عودة هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الى فلسطين في الوقت التي تشهد الاوضاع السياسية تطورات خطيرة في اتجاه الترانسفير الذي تخطط له إسرائيل وبناء الجدار العنصري الفاصل وتردي الاوضاع الامنية العربية ونتائج احتلال العراق التي تشهد مزيد من التدهور.

ربما تؤدي الى حرب أهلية مما سينتج عنها هجرة جماعية من العراق الى دول الجوار العربية وسيقابلها هجرة قسرية من فلسطين الى دول الجوار وسيلتقي هؤلاء المهاجرون في دول الجوار الامر الذي سيفجر الوضع الامني في مخيمات الفلسطينيين لأنهم يعيشون حياة مأساوية.

فمن الذي سيحفظ الامن لهم أم أنهم على موعد مع مجازر جديدة لأنهم لم يندمجوا في البلدان التي يقيمون فيها , فهل ما تطالب به عضو الكونجرس هو التهور والظلم في حق شعوب المنطقة وخصوصا المحميات الفلسطينية أم أنه هو بعينه ظلم ذوي القربى الأشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند .

إن الحديث عن تصفية القضية الفلسطينية من قبل البعض هو كمثل الذي يذبح الحمامة ويبكي عليها كما بكى أخوة يوسف عندما جاءوا أباهم عشاء يبكون.

ولقد كتب التاريخ ومازال يكتب عن أسباب انهيار المقاومة الفلسطينية ابتداء بأيلول الاسود التي لازالت أثارها حتى الآن فلا دخول لفلسطيني أراضي أردنية إلا بضمانات مالية.

أما هجرة الفلسطينيين بعد أيلول الاسود الى لبنان التي كانت وقتها حديقة بلا سور قد أشعلت شرارة حرب أهلية استمرت عقدا ونيف من الزمان ليتلوها ضربات متتالية إسرائيلية شرسة لهذا الشعب المنكوب ومازالت تتوالى عليه النكبات حتى يومنا هذا لأن إسرائيل تسعى بدعم أمريكي لتفكيك البنية التحتية للمقاومة وللأراضي الفلسطينية.

ومن السذاجة في القول حان الوقت الذي يجب على الادارة الامريكية أن تدرك الخطر الذي يشكله النفوذ الاسرائيلي والصهيوني في دوائرها كمن يدفن رأسه في التراب ولا يريد أن يفهم حقيقة التعاون الاستراتيجي الاميركي الإسرائيلي.

ولا زلنا نفهم المعادلة مقلوبة فنقول إن هذا النفوذ أسهم الى حد كبير في التورط الاميركي في العراق والامريكان يقولون سنرى من يضحك أخيرا فالعراق هو طبق من المقبلات نأكله خارج الحدود ليزيد الشهية عند التهام الوجبة الرئيسية وهو بالونة اختبار في الوقت نفسه.

فهل بعد كل ما تقدم لازلنا نعتقد جازمين بأننا أكثر إدراكا وعلما منهم بأمنهم لنقول إن المشروع له نتائج كارثية على مصالح الولايات المتحدة الاميركية لأننا حريصين جدا على مصلحتهم ونسينا مصلحتنا ومبادئنا ووحدتنا.

وإذا كان هذا المشروع يشكل كارثة على مصالح أمريكا فأهلا به أما إذا كان هذا المشروع سيخفف عن الفلسطينيين في المخيمات فأهلا به ويجب أن نؤيده بقوة لأن مصالحنا الآن تتعارض مع مصلحة إسرائيل وأمريكا.

أما إذا كان الوجود الفلسطيني في لبنان يضر بالمصلحة الوطنية اللبنانية إذا تم توطينهم فيه، فلماذا لا يتم توزيع هؤلاء الفلسطينيين بنسبة عادلة بين الدول العربية بحيث لا يشكلون خطرا على أي دولة تستضيفهم أو نسهل القوانين والأنظمة لاحتوائهم قبل ان يفرض ذلك علينا بالقوة.

ألم يأن الاوان للعالم العربي لوقف مسرحية الابتزاز التي تقودها بعض العناصر من خلال جامعة الدول العربية بدعوى الحفاظ على هوية اللاجئ التي لا يرضى بها عاقل هوية له , فهي هوية الذل والتشرد التي تؤدي حتما الى التمرد .

وكفانا قولا بأن هذا المشروع يقف وراءه اللوبي الصهيوني حيث لاأمل في عودة اللاجئين الفلسطينيين الى بلادهم هذا الحق الذي لا جدال فيه، ولكن هناك فرق بين الأمل والواقع لذا نطالب قادتنا التفكير بواقعية التوطين كما فكروا بواقعية الحل السلمي كخيار إستراتيجي وحتى يكتسب ذلك شرعية فلماذا لانقوم بالاستفتاء؟

مصطفى غريب – الرياض

مجلة فلسطين   السبت 6 كانون الأول (ديسمبر) 2003