عقل يدعو الى الحشمة… نوكل تربية أولادنا الى فضائيات غير محتشمة

عقل يدعو الى الحشمة… نوكل تربية أولادنا الى فضائيات غير محتشمة

اذا كان العالم، اليوم، يعيش سباقاً محموماً بين الاميركيين والاوروبيين لجهة بث الصور من كوكب المريخ، استكمالاً لاستكشاف الفضاء، من ناحية اخرى نجد فضائيات عربية تجاري هذا السباق ببث الصور غير المحتشمة عبر الاقمار الاصطناعية لرموز فن الرقص الشرقي الذي سبقنا الأمم فيه، لنشر الرذيلة، وفضح عوراتنا, وتعبيراً عن التردي الذي يسهم في غياب الحياء عن الفضاء.

وهنا نود ان نسأل: إذا كانت الاخلاق الكريمة تمنع بث مثل تلك الصور غير المحتشمة، والدين يحرمها، فلماذا هذا السكوت على بثها على مرأى ومسمع الكل؟

ولكن المعارضين لهذا الرأي سيلجأون الى زيادة أوقات البث، تحدياً للعقل العربي الذي يدعو الى الحشمة وعدم الفرقة.

بل أصبح دعاة الاحتشام قلة ضعيفة، قد تلصق بها تهمة الارهاب إذا طالبت بفتح ملف قضية الاعلام والاخلاق.

وقد قيل “السكوت علامة الرضى”. وقيل ايضاً “الساكت عن الحق شيطان اخرس”. والجدير ذكره، في هذا المجال، اذا كانت مجموعة من المحامين تقدمت بطلب لمحاكمة شارون عن المجازر التي ارتكبها في حق الفلسطينيين، امام محكمة بلجيكية، فلماذا لا يقوم المحامون، بدلاً من ذلك, بتقديم طلبات لمقاضاة المعربدين في القنوات الفضائية امام المحاكم العربية لتتم مقاطعة كل ما يخدش الحياء في بلادنا العربية؟

من يمارسن خدش الحياء يرفعن اصواتهن عالياً بمقاضاة مجلة فرنسية لأنها بثت لهن صوراً في اوضاع اضرت بمستقبل احداهن الفني.

وكذلك لا يزال يكتب الكتاب في هذا الموضوع كثيراً. ولكن أحدهم شدني عنوان مقالته “مطلوبات… لخدشهن الحياء والذوق العام”. وذكر ان هناك عقوبات واضحة، في كل دساتير الدول العربية، تقضي بحبس او تغريم كل من يرتكب علناً افعالاً تخدش الحياء والذوق العام. وذكر أمثلة.

ونحن نقول: طالما ان هذه الصور موثقة، ولا تحتاج الى شاهد، فجميع المشاهدين عبر الفضائيات شهود. ولكن من يجرؤ من اصحاب القرار على معاقبة هذا العفن الفني المستشري والداعم لهبوط مستوى الأمة؟

ألسنا، بسكوتنا، نريد ان تبقى امتنا هابطة، ام ان الركض وراء الديموقراطية جعلنا نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا وأخلاقنا، بل ديننا الإسلام الذي اعزنا الله به؟

اننا نعيش التناقض في كل اشكاله فلماذا نتظاهر من اجل منع الحجاب في فرنسا، ونتخاذل في قضية خلع الثياب في بعض القنوات الفضائية؟

لماذا ننتقد الآخرين، وعيوبنا أكثر من ان تحصى وتوصف؟ ألم نسأل كيف نربي ابناءنا في هذا الزمان؟ ام ان القنوات الفضائية ستقوم بالتربية خير قيام؟

أليس الاعلام هو أحد اسباب هزائمنا في الماضي والحاضر والمستقبل؟ وإذا قيل “خير جليس في الزمان كتاب”, فنحن نقول “وشر جليس في هذا الزمان البث الفضائي”. كيف نريد ان يحترم الصغير كبيره وهو غارق ومستمتع بقنوات التخاذل والعري؟ متى سنعتذر عن الاخطاء التي نمارسها صباحاً ومساء؟

متى نكون صادقين مع أنفسنا، ونحاسب من يقول “اللهم عجرم نساءنا”؟

متى نضع الحجاب الشرعي ولا نتظاهر من اجل الحجاب اللاشرعي؟ متى لا تبدي نساؤنا زينتهن الا لبعولتهن؟

مصطفى غريب – الرياض

صحيفة الحياة     2004/02/11